عبد السلام النابلسى - ممثل فلسطينى - نهل من ثقافة مصر

نشأ عبد السلام النابلسى فى وسط عائلة متدينة فى فلسطين، وعندما بلغ عبد السلام العشرين من عمره أرسله والده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، فحفظ القرآن الكريم وبرع فى اللغة العربية، هذا إضافة إلى إتقانه للفرنسية والإنجليزية اللتين تعلمهما فى بيروت فى عام 1925، وعمل النابلسى بالصحافة الفنية والأدبية فى أكثر من مجلة ومنها مجلة مصر الجديدة واللطائف المصورة والصباح.
جاءت الفرصة الأولى للنابلسى فى السينما على يد السيدة آسيا فى فيلم "غادة الصحراء" من إخراج وداد عرفى فى عام 1929، وإن كان فيلم «وخز الضمير» فى عام 1931 للمخرج إبراهيم لاما هو الذى فتح له أبواب السينما فى الثلاثينات فى تلك الفترة بعدد من رموز الفن فى ذلك الوقت منهم الأخوان لاما وتوجو مزراحى ويوسف وهبى وآسيا وأحمد جلال.
ولم يكتف بالتمثيل فقط وإنما عمل كمساعد مخرج فى العديد منها وخاصة أفلام يوسف وهبى، ولكنه فى عام 1947 اضطر للتفرغ التام للتمثيل بعد فيلم "القناع الأحمر" وخاصة بعد ازدياد الطلب عليه بعد انتشار موجة أفلام الكوميديا ذلك الوقت.
وكانت بدايات النابلسى فى أدوار الشاب المستهتر ابن الذوات، ولم يكن مضحكا فى أفلام عديدة منها "العزيمة" لكمال سليم 1939، و"ليلى بنت الريف" لتوجو مزراحى 1941، و"الطريق المستقيم" لنفس المخرج 1943 وغيرها.
فى عام 1955 ظهر مع عبد الحليم حافظ فى فيلم "ليالى الحب" ثم "فتى أحلامى" 1957 و"شارع الحب" 1958 و"حكاية حب" 1959 و"يوم من عمرى" 1961.
لعب البطولة فى فيلم حلاق السيدات أما آخر أفلامه مع فريد الأطرش فكان فى العام 1956، و"إزاى أنساك" كما شارك فاتن حمامة وعمر الشريف فى فيلم "أرض السلام" للمخرج كمال الشيخ فى العام 1957، وقام فيه بتجسيد دور شديد الإنسانية حيث لعب شخصية رجل فلسطينى يعيش مع عشيرته تحت الاحتلال الإسرائيلى، ويبدو طوال الفيلم متخاذلا وجبانا لكن النهاية تكشف أنه أول من ضحى بحياته أثناء مساعدة الفدائى المصرى فى عملية خلف خطوط العدو.
كما تقاسم عبد السلام النابلسى بطولة العديد من الأفلام مع الفنان إسماعيل ياسين مع نهاية عام 1962، كان من المفترض أن يشارك عبد الحليم حافظ فى فيلم "معبودة الجماهير" وهو الدور الذى قام به الفنان فؤاد المهندس.
رحل إلى لبنان بعدما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتى بلغت 13 ألف جنيه فى حينها ولم تفلح محاولاته والتى بدأها فى عام 1961، لتخفيضها إلى 9 آلاف وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيها فقط الأمر الذى يعنى أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عاما، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلا على عدم جديته فى السداد فقررت بعد ثلاث سنوات من رحيله أى فى عام 1965، الحجر على أثاث شقته المستأجرة فى الزمالك والتى لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب.
واستمرت القضية معلقة حتى وفاته فى عام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن فى مصر وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم.
وفى بيروت عاش النابلسى ملكا وأصبح عام 1963 مديرا للشركة المتحدة للأفلام، وساهم فى زيادة عدد الأفلام المنتجة كل عام فى لبنان ومثل فى أفلام "فاتنة الجماهير" و"باريس والحب" و"أفراح الشباب" و"بدوية فى باريس" و"أهلاً بالحب" وأهمها مع الفنانة صباح والتى كان شاركها من قبل فى أفلام "شارع الحب" و"الرباط المقدس" و"حبيب حياتى"
حقق النابلسى رغبته القديمة فى الاستقرار الأسرى بعد أن ظل متمتعا بلقب أشهر عازب فى الوسط الفنى، وحتى وصل إلى الستين من عمره وذلك عندما تزوج من إحدى معجباته (جورجيت سبات) وقام بإتمام إجراءات الزواج بفيلا صديقه فيلمون وهبى دون علم أسرة الفتاة، والتى دخلت معه فى صراع مرير أرغمته خلاله على تطليقها قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهم.
أما فيما يتعلق بوفاته فقد تلاحقت الأحداث سريعا فى الأشهر الأخيرة خاصة بعد أن أعلن بنك انترا فى بيروت إفلاسه الذى كان معناه إفلاس النابلسى هو الآخر لأنه كان يضع كل أمواله فى هذا البنك، فزادت شكواه من آلام المعدة حتى أن الفنانة صباح التى كانت رفيقته إلى تونس لتصوير فيلم "رحلة السعادة"، قالت إنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق رغم أنه كان حريصا على أن يفتح صنابير المياه حتى يعلو صوت توجعاته.
كما أنه كان يشعر بدنو أجله لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، وبعد عودته أخذت حالته تزداد سوءا إلى أن امتنع عن الطعام تماما قبل أيام من رحيله، حتى كانت ليلة 5 يوليو 1968 حيث لفظ أنفاسه قبل وصوله إلى المستشفى، ولم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش عن طريق شقيقه فؤاد والذى كان يحاول أن يخفى الخبر عن فريد، لكنه علم به من الصحف وانهار مريضا حزنا على وفاة صديق العمر.
بعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقة له سرا يتعلق بحقيقة مرضه، حيث أكدت أنه لم يكن يعانى مرضا بالمعدة كما أشاع ولكنه كان مريضا بالقلب منذ عشر سنوات وأنه تعمد إخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس إليه، حتى لا يتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وأنها عرفت ذلك بالصدفة، وذلك عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمى د.جيبسون والذى كان يشرف على علاج فريد الأطرش وهو الذى أخبرها بحقيقة مرض عبد السلام النابلسى دون أن يدرى أن النابلسى يخفى ذلك، وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر وهو مافعلته حتى وفاته فى 5 يوليو 1968.
التعليقات
0 التعليقات


شكراً على التعلق